المستشرقون و اللغة العربية
الاستشراق لفظ مستحدث لم تكن معروفة قبل القرن التاسع عشر. و هذا
اللفظ يدل على علم جديد التفت إليه الغربيون, و اهتموا به اهتمام بالغا, و راحوا
يدرسون بكثير من الدقة و العناية و النشاط, الشعوب الشرقية فى مواطنها الآصلية, و
مهاجرها المتتابعة, يبحثون في أصولها, و في فروعها و جغرافيتها و آثارها و
تواريخها و أساطيرها و دياناتها و مذاهبها, و فى عاداتها و تقاليدها و لغاتها و
آدابها و فنونها, و فى صناعتها و حرفها و تجارتها, و فى كل ما يتعلق بها من خصائص
معاشية و حضارية. و قد سمي هذا العلم " الاستشراق " و سمي أرباية بالمستشرقين.
و من المؤكد اللبنانيين هم الذين هم استحدثوا هاتين اللفظتين فى القرن الماضى.
و لا بد من الإشارة إلى أن " بلاشير " المستشرق الفرنسي قد
أحب لغة الضاد حبا عظيما, فانقطع الى درسها و التعمق فيها, حتى أحاط بفصيحها و
شواردها, و أخذ بترجم إلى لغتة, ما ستحسنه من نتاج أدبي, و يعلق على كثير مما
يختاره من كتب تراثية, تعليقا علميا أدبيا
و تاريخيا يسوده المنطق الحر, و بعد النظر و سلامة التعبير.
و لبلاشير كتاب عنوانه " مختارات " انتقاها من حقلي الأدب و
التاريخ, كما ينتقي الجنان السليم الذوق من الحديقة الغناء أجمل الأزهار و أطيبها
ليقدمها إلى أغلى وأحلى من يحب.
و لهذا المستشرق كتب عديدة نفيسة منها " تاريخ الأدب العربي
" الواقع فى ثلاثة أجزاء ضخمة. و قد ترجم هذا الكتاب من الفرنسيه إلى العربية
الدكتور إبراهيم الكيلاني, و تولت طبعه و زارة الثقافة و الإرشاد القومي في سورية
ليقينها بما يحوية الكتاب من درسات دقيقة و بحوث متكاملة.
No comments:
Post a Comment